كيوبزنس QBusiness:
تمضي دولة قطر بخطى ثابتة في دعم وتمكين المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وإرساء قواعد متينة، راسخة، لتوطين الصناعات الصغيرة والمتوسطة، استجابة لاحتياجاتها الآنية والمستقبلية، وفق أفضل معايير الجودة العالمية لدعم الاقتصاد الوطني.
ويأتي هذا التوجه في إطار رؤية شاملة، وخطط طموحة، فيما يتصل بتنويع مصادر الدخل الوطني، والانتقال تدريجيا وبخطى مدروسة من اقتصاد قائم على النفط إلى اقتصاد متنوع، ومستدام، تلعب فيه الصناعات الصغيرة والمتوسطة دورا محوريا لتحقيق الأهداف الإستراتيجية التنموية للدولة.
وانسجاما مع ذلك عملت دولة قطر على تهيئة البيئة المناسبة للمستثمرين، عن طريق إصدار التشريعات والقوانين ووضع النظم الكفيلة بتشجيع وتحفيز القطاع الخاص المحلي والأجنبي على الاستثمار في القطاع الصناعي، وفق استراتيجية واضحة للقطاع، تتكامل من خلالها جهود الكثير من الجهات في الدولة لإنجاحها، منها وزارة الطاقة والصناعة، ووزارة الاقتصاد والتجارة، وبنك قطر للتنمية، وغيرها.
يقول المهندس يوسف العمادي مدير إدارة المناطق الصناعية بوزارة الطاقة والصناعة إن الاستراتيجية الصناعية لدولة قطر تهدف لتسريع معدل نمو الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تمتلك قدرة أكبر على زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج الإجمالي المحلي.
وأوضح: «تقوم وزارة الطاقة والصناعة بموجب اختصاصاتها، بتهيئة قطاع الصناعة التحويلية لتحقيق الاكتفاء الذاتي ولتنويع مصادر الدخل، وجعل هذا القطاع رافداً أساسياً من روافد الدخل القومي»، مشيرا إلى جهود الوزارة التي أثمرت زيادة مطردة في عدد الموافقات المبدئية التي تصدر للكثير من المشروعات، وعدد التراخيص النهائية.
وقال إن عدد المصانع العاملة المسجلة لدى الوزارة ارتفع من 334 منشأة عام 2000، إلى 707 منشآت بنهاية عام 2016، أي بنسبة زيادة 211.7%، فيما بلغ حجم استثماراتها خلال عام 2016 نحو 260.5 مليار ريال، وعدد العاملين في هذه المنشآت 88.6 ألف عامل وفني.
ولفت إلى أن منطقة الصناعات الصغيرة والمتوسطة، تعد الأولى من نوعها في دولة قطر، وتحتل مساحة تربو على عشرة ملايين متر مربع، تم تخصيص 712 قطعة منها لإقامة مشروعات صناعية.
وتوضح بيانات وزارة الطاقة والصناعة، أن عدد المصانع التي بدأت الإنتاج في المنطقة بلغ 260 مصنعا، و79 مشروعا في المراحل النهائية للبدء بالإنتاج، و279 مشروعا على قائمة الانتظار.
ويشير المهندس العمادي إلى أن الوزارة بصدد الانتهاء من الإجراءات الإدارية مع الجهات المختصة بالدولة لتخصيص أرض لتوسعة المنطقة الحالية، وقال إنه فور الانتهاء من هذه الإجراءات، سيتم البدء بعملية التوسعة.
وفي نفس الإطار، شكلت المبادرات التي أطلقتها وزارة الاقتصاد والتجارة خلال السنوات الأخيرة، رافدا مهما في مسيرة تطوير وتوطين قطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة لتعزيز مساهمته في الاقتصاد الوطني من أجل إرساء اقتصاد متنوع وتنافسي مبني على المعرفة.
وقامت الوزارة بدراسة العديد من القطاعات الاقتصادية وتقييم درجة المنافسة فيها، وتم رفع مقترحات بشأنها إلى الجهات المختصة، حيث تعلقت هذه المقترحات بتفعيل آليات المنافسة العادلة، وتشجيع المستثمرين، وتسهيل إجراءات مزاولة النشاط، وإزالة الحواجز أمام النفاذ إلى الأسواق، وكسر الاحتكار.
وعلى الصعيد التشريعي، حرصت وزارة الاقتصاد والتجارة على سن التشريعات القانونية التي ساهمت في تطوير بيئة الأعمال بدولة قطر بصورة عامة، ومن بينها إصدار قانون الشركات التجارية الجديد.
وبادرت الوزارة، أيضا بإطلاق خدمة /النافذة الواحدة لخدمات المستثمر/ التي تهدف إلى تبسيط وتسريع إجراءات جميع المعاملات.
وفي إطار السعي إلى تحسين وتطوير بيئة الأعمال في الدولة، أطلقت الوزارة بالتعاون مع وزارة البلدية والبيئة مبادرة تتمثل في تحديد وتسهيل إجراءات وشروط الرخص الإنشائية لمراكز الأعمال، وبمزايا تدعم رجال الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة والمبتدئة.
كما تم وضع الإطار القانوني والمؤسسي للشراكة بين القطاعين العام والخاص، من خلال إنشاء اللجنة الفنية لتحفيز ومشاركة القطاع الخاص في مشروعات التنمية الاقتصادية بوزارة الاقتصاد والتجارة، والتي تضم ممثلين عن عشر جهات بالدولة.
وتختص اللجنة بتقديم الاقتراحات للمشروعات الاقتصادية وتقديم وسائل دعم وتحفيز القطاع الخاص ووضع السياسات والمعايير والضوابط لبرامج التحفيز، بالإضافة إلى الإشراف على تنفيذ مشروعات التحفيز ومشاركة القطاع الخاص في مشروعات التنمية الاقتصادية بالدولة.
كما بادرت الدولة عبر الوزارة بإطلاق مبادرات رائدة في مجال دعم القطاع الخاص وتحفيزه، مثل إنشاء 4 مناطق تخزينية منخفضة التكاليف تمد السوق بمساحات تخزين تقدر بمليوني متر مربع بشكل سريع وبأسعار تنافسية تتلاءم مع طلباتهم، خلال سنتي 2018 و2019.
ويتوقع أن تحفز هذه المشاريع القطاع الخاص لضخ استثمارات تقدر بمليارين و800 مليون ريال في هذا المجال.
وفي السياق ذاته، يجري العمل على 4 مناطق لوجستية، لسد النقص في المساحات التخزينية عبر توفير 8 ملايين متر مربع لتغطية حاجة الشركات الصغيرة والمتوسطة وتأمين خدمات لوجستية، ويتوقع أن تجلب هذه المشاريع استثمارات من القطاع الخاص تقدر بأكثر من 24 مليار ريال.
ومن المبادرات النوعية الأخرى في القطاع الصناعي، «امتلك مصنعا في قطر خلال 72 ساعة» وهي المبادرة الثانية لمشروع النافذة الواحدة والتي تم فيها طرح 250 فرصة استثمارية بالقطاع الصناعي، وشهدت إقبالا تنافسيا كبيرا من جانب 9349 مستثمرا.
وتغطي مبادرة «تأهيل» ثمانية قطاعات رئيسية هي قطاع الصناعات الغذائية، والصناعات الورقية، والصناعات الطبية، والصناعات الكيماوية، والصناعات الكهربائية، وصناعة الآلات والمركبات، وصناعة المطاط واللدائن، وصناعة المعادن.
وشهدت الفرص الاستثمارية الـ 250 المشمولة بالمبادرة، إقبالا كبيرا من قبل المستثمرين، واستحوذ فيها قطاع الصناعات الغذائية وحده على نصيب الأسد، وذلك بواقع 3168 مستثمرا، في حين بلغ عدد المستثمرين المسجلين بقطاع صناعة المعادن 1334 مستثمرا، والصناعات الورقية 1086 مستثمرا، وصناعة المطاط واللدائن 941 مستثمرا، والصناعات الكيماوية 826 مستثمرا، والصناعات الطبية 710 مستثمرين، والصناعات الكهربائية 732 مستثمرا، والآلات والمركبات 552 مستثمرا.
وبلغت نسبة المستثمرين القطريين المسجلين للحصول على فرص استثمارية من خلال المبادرة قرابة 85%، وكان هناك أيضا أكثر من 3 آلاف مستثمر من حوالي 52 دولة قدموا طلبات للحصول على فرص استثمارية بهذه المبادرة.
50 % مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي
يؤكد سعادة الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني رئيس غرفة قطر أن التوجه الحالي يركز على تشجيع رجال الأعمال لتوطين المزيد من الصناعات خصوصا في قطاع الإنتاج الغذائي والدوائي.
ويضيف: «يتم منح رجال الأعمال مزايا وحوافز جديدة وتسهيلات تعينهم على البدء بمشروعاتهم، وذلك وفقا للمبادرة التي أطلقتها اللجنة التنسيقية لإدارة نظام النافذة الواحدة لتسهيل الاستثمار الصناعي في قطر تحت شعار /امتلك مصنعا خلال 72 ساعة/ والتي تضمنت كذلك طرح فرص صناعية في مختلف القطاعات».
وبالتوازي مع ذلك، تضطلع الغرفة بدور هام في تعزيز علاقات التعاون الاقتصادي والتجاري مع مختلف الدول حول العالم، سواء من خلال قيامها بتنظيم زيارات لرجال الأعمال القطريين إلى تلك الدول، أو من خلال استقبالها الوفود التجارية الأجنبية.
كما تسعى لتوقيع مزيد من اتفاقيات التعاون الثنائي مع مختلف الغرف التجارية لتسهيل الاستثمار وتعزيز التبادل التجاري واستمرار تدفق السلع المختلفة إلى السوق القطري.
ويؤكد سعادة الشيخ خليفة بن جاسم آل ثاني أن هناك تنسيقاً كاملاً بين الغرفة والجهات الحكومية لإزالة أي عقبات تظهر أمام المستثمرين بهدف تسهيل الاستثمار في قطر بما يسهم في إنشاء صناعات جديدة في قطر تغذي السوق القطري بمختلف المنتجات وتصدر الفائض إلى الخارج.
وأشار إلى أن القطاع الخاص بالدولة حقق نتائج ملموسة وأثبت قدرته على المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي للدولة، حيث بلغت مساهمته نحو 30%، مع الإشارة إلى أن مساهمة القطاع غير النفطي عموما بلغت نحو 50%.
وتؤكد كافة المعطيات والمؤشرات الحالية، والمبادرات الخاصة بقطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة في دولة قطر، على تطور مستمر، وفتح آفاق جديدة، وفرص استثمارية واعدة، لهذا القطاع الذي يعد إحدى الركائز الأساسية للتنويع الاقتصادي، ومواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية، والتحديات بمختلف أشكالها.
35 % حصة الصناعات المحلية من المنتجات
يلعب بنك قطر للتنمية دورا كبيرا في تعزيز توطين القطاع الصناعي، سواء عن طريق الشراكة مع الجهات التي تعكف على تنفيذ مشاريع تنموية بالدولة، أو عن طريق تقديم الدعم المباشر للمساعدة على إدراج المصنعين القطريين في سلاسل التوريد المعتمدة لدى الجهات التي تتولى إقامة المشاريع التنموية بالدولة خاصة مشاريع البنى التحتية.
وأطلق البنك سلسلة من المبادرات في هذا الإطار، كان آخرها مبادرة /تأهيل/ بالتعاون مع هيئة الأشغال العامة /أشغال/ التي دشنت على هامش النسخة الثانية من معرض /اشتر المنتج الوطني/.
وتشير البيانات إلى أن نسبة إنتاج الصناعات المحلية تتراوح ما بين 30 إلى 35% من المنتجات التي تستوردها الدولة، في حين وصل عدد المنشآت الصناعية إلى 723 منشأة العام الحالي، بفضل الدعم التكاملي من مختلف الجهات المعنية.
ويمتلك بنك قطر للتنمية تجربة متميزة عبر برنامج /تصدير/ الذي يعمل مع المصنعين القطريين.
واستطاع البرنامج خلال سنوات عمله منذ عام 2011 أن يصل بنسبة الصادرات القطرية غير النفطية إلى 14% من مجمل الصادرات، علما بأن نسبة التصدير قبل البرنامج لم تكن تتجاوز 6%.
وفيما استطاعت 250 شركة صغيرة ومتوسطة الوصول لعدد كبير من الأسواق، ووضع قدم راسخة فيها، يسعى بنك قطر للتنمية إلى زيادة مساهمة هذا القطاع، وإدخال صناعات جديدة مبنية على المعرفة.
وقد بلغت المحفظة التمويلية في بنك قطر للتنمية 7.5 مليار ريال، علما بأن البنك يلتزم بتمويل كافة المشاريع التي تصب في مصلحة الاكتفاء الذاتي وتحقيق القيمة المضافة للاقتصاد المحلي، إلى جانب دوره الكبير في تقديم الخدمات التدريبية والاستشارية واللوجستية والتصديرية.